رِسْمَةٌ تَحْمِلُنَا إِلَى القَمَرِ!

فِي لَيْلَةٍ صَافِيَةٍ وَهَادِئَةٍ، كَانَتِ النَّافِذَةُ مَفْتُوحَةً، وَنُورُ القَمَرِ يَتَسَلَّلُ إِلَى غُرْفَةِ مِيمِي وَشَقِيقِهَا عَوْن.

جَلَسَا أَمَامَ الطَّاوِلَةِ، وَبَدَآ يَرْسُمَانِ السَّمَاءَ وَالنُّجُومَ وَالقَمَرَ عَلَى وَرَقَةٍ كَبِيرَةٍ.

قَالَتْ مِيمِي وَهِيَ تُلَوِّنُ القَمَرَ بِالْأَبْيَضِ:
“أَتَمَنَّى أَنْ أَذْهَبَ إِلَى القَمَرِ يَوْمًا، وَأَرَاهُ عَنْ قُرْبٍ!”

أَجَابَهَا عَوْن بِحَمَاسٍ:
“وَنَلْتَقِيَ بِكَائِنٍ فَضَائِيٍّ هُنَاكَ! مَنْ يَدْرِي؟”

فَجْأَةً… أَضَاءَتِ الوَرَقَةُ بِنُورٍ سَاطِعٍ!

صَرَخَتْ مِيمِي: “عَوْن! انْظُرْ!”

وَبِدُونِ إِنْذَارٍ، شَعَرَا بِأَنَّهُمَا يَنْجَذِبَانِ إِلَى دَاخِلِ الرَّسْمَةِ، كَأَنَّهَا بَابٌ سِرِّيٌّ.

فَتَحَا أَعْيُنَهُمَا… وَإِذَا بِهِمَا يَقِفَانِ عَلَى سَطْحِ القَمَرِ!

الأَرْضُ تَبْدُو بَعِيدَةً، وَالسَّمَاءُ مُمْتَلِئَةٌ بِالنُّجُومِ، وَهُمَا يَرْتَدِيَانِ بِدَلَاتِ رُوَّادِ الفَضَاءِ.

قَالَ عَوْن وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَى يَدِهِ:
“مِنْ أَيْنَ أَتَتْ هَذِهِ البِدْلَة؟”

سَمِعَا صَوْتًا لَطِيفًا يَقُولُ:
“إِنَّهَا لِحِمَايَتِكُمَا… القَمَرُ لَا يَحْتَوِي عَلَى الهَوَاءِ!”

اِلْتَفَتَا، فَرَأَيَا كَائِنًا فَضَائِيًّا بَشَرَتُهُ فِضِّيَّةٌ تَلْمَعُ، لَهُ أَرْبَعُ أَيَادٍ، وَعَيْنَاهُ تُشْبِهَانِ النُّجُومَ.

قَالَ:
“أَهْلًا بِكُمَا! أَنَا زِينُوت، مُرْشِدُ المَعْرِفَةِ الفَضَائِيَّةِ!”

قَالَتْ مِيمِي:
“لِمَاذَا نَرَى القَمَرَ يُضِيءُ فِي اللَّيْلِ؟”

أَجَابَ زِينُوت:
“القَمَرُ لَا يُنِيرُ مِنْ نَفْسِهِ، بَلْ يَعْكِسُ ضَوْءَ الشَّمْسِ!”

سَأَلَ عَوْن:
“هَلْ يُمْكِنُ العَيْشُ عَلَى القَمَرِ؟”

قَالَ زِينُوت:
“لَا، فَلَا وُجُودَ لِلْهَوَاءِ أَوِ المَاءِ هُنَا، لَكِنَّ العُلَمَاءَ يَفْكِّرُونَ فِي بِنَاءِ مَحَطَّاتٍ فَضَائِيَّةٍ فِي المُسْتَقْبَلِ.”

قَالَتْ مِيمِي:
“هَلْ وَصَلَ أَحَدٌ مِنَ البَشَرِ إِلَى القَمَرِ؟”

قَالَ زِينُوت:
“نَعَم، أَوَّلُ مَنْ وَصَلَ هُوَ نِيل أَرْمِسْتْرُونْغ فِي سَنَةِ 1969.”

ضَحِكَ عَوْن وَقَالَ:
“سَأُصْبِحُ رَائِدَ فَضَاءٍ، وَأَبْنِي مَدِينَةً عَلَى القَمَرِ!”

قَالَتْ مِيمِي:
“وَأَنَا سَأَرْسُمُ لَكَ طَرِيقَ الوُصُولِ إِلَيْهَا!”

قَالَ زِينُوت:
“وَالآنَ… حَانَ وَقْتُ العَوْدَةِ. تَذَكَّرُوا: العِلْمُ نُورٌ، وَالخَيَالُ يَصْنَعُ المُسْتَقْبَلَ.”

فِي لَحْظَةٍ، عَادَ النُّورُ مِنَ الرَّسْمَةِ، وَسَحَبَهُمَا بِلُطْفٍ.

اسْتَيْقَظَا فِي غُرْفَتِهِمَا، وَالوَرَقَةُ أَمَامَهُمَا… وَفِيهَا رَسْمَةُ القَمَرِ، وَظِلٌّ صَغِيرٌ لِرَائِدِ فَضَاءٍ!

قَالَتْ مِيمِي:
“أَكَانَ ذَلِكَ حُلْمًا؟”

قَالَ عَوْن وَيَبْتَسِمُ:
“لَكِنَّنَا تَعَلَّمْنَا كَثِيرًا… وَسَنَرْسُمُ غَدًا كَوْكَبًا آخَرَ!”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *