فِي مَسَاءِ يَوْمٍ هَادِئٍ، كَانَتِ السَّمَاءُ صَافِيَةً، وَالنُّجُومُ تَلْمَعُ بِهُدُوءٍ.
لَعِبَتْ مِيمِي وَعَوْن طَوِيلًا فِي سَاحَةِ البَيْتِ، وَبَعْدَ الجَرْيِ وَالقَفْزِ وَالرَّسْمِ بِالطَّبْشُورِ، جَلَسَا عَلَى العُشْبِ يُحَدِّقَانِ فِي السَّمَاءِ.
قَالَتْ مِيمِي:
“لَيْتَنَا نَطِيرُ بَيْنَ هَذِهِ النُّجُومِ.”
وَقَالَ عَوْن وَهُوَ يَتَثَاءَبُ:
“وَنَزُورُ كَوَاكِبَ حَقِيقِيَّةً… خُصُوصًا كَوْكَبَ المِرِّيخِ.”
وَقَبْلَ أَنْ يُكْمِلَا أَحْلَامَهُمَا، أَغْلَقَتْ أَعْيُنُهُمَا بِهُدُوءٍ.
فَجْأَةً… ضَوْءٌ نَاعِمٌ أَضَاءَ حَوْلَهُمَا، وَفُتِحَ بَابُ مَرْكَبَةٍ فَضَائِيَّةٍ غَرِيبَةٍ، وَفِي لَحْظَاتٍ، ارْتَفَعَا بِلُطْفٍ فِي الهَوَاءِ وَدَخَلَا إِلَى دَاخِلِهَا.
لَمْ يَشْعُرَا بِشَيْءٍ… حَتَّى اسْتَيْقَظَا عَلَى نَغْمَةٍ مُوسِيقِيَّةٍ هَادِئَةٍ.
فَتَحَتْ مِيمِي عَيْنَيْهَا وَهَمَسَتْ:
“أَيْنَ نَحْنُ؟!”
وَنَظَرَ عَوْن حَوْلَهُ وَقَالَ بِدَهْشَةٍ:
“هَذِهِ مَرْكَبَةٌ فَضَائِيَّةٌ حَقِيقِيَّةٌ!”
وَفَجْأَةً، ظَهَرَ أَمَامَهُمَا كَائِنٌ فَضَائِيٌّ طَوِيلٌ، بَشَرَتُهُ فِضِّيَّةٌ لَامِعَةٌ، وَلَهُ أَرْبَعُ أَيَادٍ.
قَالَ بِصَوْتٍ رَنَّانٍ:
“أَهْلًا بِكُم فِي سَفِينَةِ زِينُوتْرَا! أَنَا زِينُوتْ، وَسَأُرَافِقُكُم فِي رِحْلَةٍ إِلَى كَوْكَبِ المِرِّيخِ.”
سَأَلَتْ مِيمِي:
“مَا لَوْنُ كَوْكَبِ المِرِّيخِ؟“
أَجَابَ زِينُوتْ:
“يُسَمَّى الكَوْكَبَ الأَحْمَرَ، لِأَنَّ تُرَابَهُ غَنِيٌّ بِمَعَادِنِ الحَدِيدِ.”
سَأَلَ عَوْن:
“وَهَلْ يُمْكِنُ العَيْشُ عَلَيْهِ؟“
قَالَ زِينُوتْ:
“لَا، لَا يُوجَدُ هَوَاءٌ يُمْكِنُ تَنَفُّسُهُ، وَلَكِنَّ البَشَرَ يَقُومُونَ بِدِرَاسَاتٍ عَلَيْهِ.”
قَالَتْ مِيمِي:
“هَلْ ذَهَبَ إِلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ؟“
فَأَجَابَ زِينُوتْ:
“لَا، وَلَكِنَّ رُوبُوتًا يُدْعَى بِرْسِفِيرَانْس يَسْتَكْشِفُهُ حَالِيًّا.”
قَالَ عَوْن:
“أُرِيدُ أَنْ أَكُونَ رَائِدَ فَضَاءٍ!”
وَقَالَتْ مِيمِي:
“وَأَنَا سَأَرْسُمُ خَرِيطَةً لِلْمِرِّيخِ!”
قَالَ زِينُوتْ:
“انْظُرَا، كَوْكَبُ المِرِّيخِ يَدُورُ بِهُدُوءٍ… وَقَدْ حَانَ وَقْتُ عَوْدَتِكُمَا.”
اقْتَرَبَتْ مَرْكَبَةٌ صَغِيرَةٌ، فَرَكِبَا فِيهَا، وَفِي العَدِّ التَّنَازُلِيِّ:
“ثَلَاثَة… اثْنَان… وَاحِد… انْطِلَاق!”
غَفَوَا فِي طَرِيقِ العَوْدَةِ، وَعِنْدَمَا اسْتَيْقَظَا… وَجَدَا أَنَّهُمَا عَلَى العُشْبِ، تَحْتَ نُجُومِ السَّمَاءِ.
قَالَتْ مِيمِي:
“يَا لَهَا مِنْ رِحْلَةٍ… كَأَنَّهَا حُلْمٌ جَمِيلٌ.”
وَقَالَ عَوْن:
“وَلَكِنَّنَا تَعَلَّمْنَا فِيهَا أَكْثَرَ مِمَّا نَتَعَلَّمُهُ فِي يَوْمٍ دِرَاسِيٍّ كَامِلٍ!”